سرطان الدم عند الأطفال او إبيضاض الدم او اللوكيميا (Leukemia)، هو المرض الخبيث لخلايا الدم الذي يعود مصدره إلى النخاع العظمي. سرطان الدم يتطرق إلى تطور خلية الدم الخبيثة بدون رقابة أو نضوج سليم، وسيطرتها على النخاع الشوكي والتأثير على فاعليته الطبيعية. 

تنتج في النخاع العظمي السليم ثلاثة أنواع من الخلايا: خلايا الدم الحمراء التي تحمل الأكسجين الى الأنسجة، خلايا الدم البيضاء التي تدافع عن الجسم في مواجهة هجوم الجراثيم والفيروسات، والصفائح الدموية التي تساهم في تجلط الدم ووقف النزيف. يمكن للخلية الدموية الخبيثة (الخلية الأرومية) (blast cell) الموجودة في مجرى الدّم، أن تصل إلى العقد اللمفاوية، كبد، طحال، الجهاز العصبي المركزي، للخصيتين ولأعضاء أخرى.

يعتبر سرطان الدم من بين الأمراض الخبيثة الأكثر انتشاراً بين الأطفال، إلا أنها نادرة ويتم التبليغ عنها لدى 4-5 حالات من بين كل 100,000 طفل في السنة. ينجم سرطان الدم عند الاطفال عن حدوث تغيير في الشيفرة الوراثية في صبغيات الخليّة الدموية والذي يسبب النمو غير المراقب. غالباً لا تعرف أسباب خلل الشيفرة الوراثية. 

يحاول المختصون بإجراء أبحاث وبائية ايجاد الرابط بين سرطان الدم (اللوكيميا) والتعرض للفيروسات، المواد الكيميائية، الأشعّة وغيرها. في حالات نادرة جداً يتزايد دور الوراثة في الإصابة بمرض سرطان الدم. في القسم الأكبر من الحالات سبب ظهور سرطان الدم غير معروف، والمرض غير معد.

الأنواع الشائعة لسرطان الدم عند الأطفال

 أنواع سرطان الدم (اللوكيميا) الأساسيّة لدى الأطفال هي:

ابيضاض الأرومات اللمفاويّة الحاد (Acute lymphoblastic leukemia)، وهي الأكثر شيوعا من بين الأنواع الأخرى للوكيميا الأطفال (75-80%)، مصدر الخليّة الخبيثة هي الخلايا اللمفاوية (lymphocytes)، وهي الخلايا المسؤولة عادةً على انتاج مضادّات والقضاء على الفيروسات.

ابيضاض الأرومات النخاعية الحاد (Acute myeloblastic leukemia)، والتي تشكل خمس حالات لوكيميا الأطفال (15-20%). مصدر الخليّة هو الخلايا البيضاء التي تبلع وتقتل الجراثيم والطفيليات.

ابيضاض نقوي مزمن (Chronic myeloid leukemia)، نادرة نسبيا، في هذا النّوع أيضا تكون الخليّة الخبيثة نخاعيّة، ولكن بمرحلة أكثر نضوجا، وغالبا ما تحمل تغييرا وراثيا خاصا.

كل نوع من أنواع اللوكيميا الأساسية، يشمل أنواع فرعيّة إضافية، ذات مميّزات لغشاء الخلية وتغييرات خاصّة في الجينات والصبغيات للخلايا الأروميّة والتي تسبّب سلوكا بيولوجيا مختلفا، تجاوبا مختلفا مع العلاج، وكنتيجة لذلك درجات خطورة مختلفة واحتمالات شفاء مختلفة أيضا.

علاج سرطان الدم عند الأطفال

شهدت السنوات الأخيرة تحسناً ملحوظاً في نتائج علاج سرطان الدم عند الأطفال، ونشهد اليوم تزايدا كبيرا في نسبة الأطفال الذين يشفون من المرض (حوالي 75% في اللوكيميا اللمفاوية الأرومية - Lymphoblast، ويزيد عن 50% في اللوكيميا النخاعية - myeloid leukemia). وقد طرأ التطوّر في مجال دقة التشخيص، العلاج المضاد للوكيميا، وكذلك في العلاج الدّاعم. يتم تنفيذ علاج سرطان الدم عند الاطفال تبعا لبروتوكولات عالميّة أثبتت نجاعتها في علاج عدد كبير من الأطفال المرضى. تتم ملاءمة العلاج وكثافته بشكل خاص لمجموعة الخطر التي يواجهها المريض.

يتم تحديد مجموعة الخطر حسب جيل المريض، عدد الخلايا الخبيثة في الدم، مميزات غشاء الخلية الأرومية، التغييرات الجينية والصبغيّة في خلايا اللوكيميا وسرعة التجاوب مع العلاج الأولي. العلاج المضاد للوكيميا يعتمد بالأساس على دمج أدوية كيماوية علاجية، وفي أحيان بعيدة أكثر، يشمل العلاج الإشعاعيأو زراعة النخاع الشوكي. وقد تمت، مؤخرا، إضافة أدوية موجّهه تحديدا لعلاج التغيير الجيني في خليّة اللوكيميا، وأدوية ترتبط بالمضادات الملتصقة بخلايا اللوكيميا.

يشمل العلاج الكيماوي خليطا من الأدوية التي يتم تناولها على مراحل:
  • مرحلة الحث (induction) وتستمر لعدّة أسابيع
  • مرحلة التكثيف (intensification) وتستمر لعدة أشهر (في هذه المرحلة يتم العلاج بتسريب الدواء عبر الوريد)
  • علاج وقائي يقدم عبر الفم لمدة سنة وحتى سنتين. كما يعطى للمريض علاجا يحد من تفشي المرض الى الجهاز العصبي المركزي وذلك بواسطة حقن كيماوية لسائل القناة الفقرية، وفي حالات نادرة، أيضا، يتم العلاج الإشعاعي للدماغ.
عندما تكون اللوكيميا في طورها الأكثر تقدما يتم تعزيز العلاج بزراعة النّخاع الشوكي.

قد تنجم عن العلاج الكيماوي مضاعفات فورية ومتأخرة. بصورة عامة تنبع المضاعفات الفورية الشائعة، عن انخفاض كميّة الخلايا الدموية وإصابة الجّهاز المناعي. من هنا تلح الحاجة الى توفير بديل لكريات الدم والصفائح بالإضافة الى علاج قوي وفوري لكل تلوث أو لمجرد الشك بحدوث تلوث. تتعلق المضاعفات المتأخرة بنوع العلاج الكيماوي وبالأشعة ويمكن أن تظهر في أجهزة مختلفة وبنسبة متزايدة للأورام الثانوية. عند تخطيط العلاج الأمثل، نهدف بالإضافة الى القضاء على خلايا اللوكيميا، إلى تقليص التأثيرات الجانبيّة المتأخّرة قدر المستطاع.

calendar_month11/07/2024 12:24   visibility 95